أرسلان
16 Dec 2005, 04:37 PM
قراءة شرعية في قوائم شركة ينساب المالية
أولاً: التعريف بالشركة.
* شركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات (ينساب). هي شركة مساهمة سعودية تحت التأسيس بموجب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 10446 بتاريخ 4/11/1426هـ الموافق (7/12/2005).
* تتمثل أهداف الشركة في تصنيع المنتجات البتروكيماوية طبقا لعقد تأسيسها والأنطمة الأخرى المعمول بها في المملكة العربية السعودية.
* يبلغ رأس مال الشركة 5.625.000.000 ريال سعودي مقسم إلى 112.5000.000 سهماً بقيمة اسمية قدرها 50 ريالا سعودياً للسهم.
* ستمتلك شركة سابك ما نسبته 55% من إجمالي أسهمها، منها 4% ستمتلكها شركة سابك للاستثمارات الصناعية SIIC المملوكة بالكامل لشركة سابك، وستوزع ملكية 10% من أسهم ينساب على 17 شركة سعودية وخليجية. بينما سيتم طرح الحصة الباقية 35% على الجمهور من خلال عملية الاكتتاب العام.
ثالثاً: القروض
جاء في نشرة الاكتتاب المفصلة:
" حصلت سابك لصالح ينساب . على التزام خطي مبدئي من بنك ABN AMRO بموجب خطاب التزام مؤرخ في 30 نوفمبر 2005 تعهد بموجبه بتغطية تسهيلات تمويلية بقيمة 13.125 مليون ريال سعودي (13 مليار ومائة وخمس وعشرين مليون ريال سعودي). ويعتبر هذا الخطاب التزاما مشروطا من البنك بصفته مديرا ومتعهدا لتغطية التسهيلات التمويلية بالقيمة المذكورة وفقا لشروط وأحكام وتعهدات متعارف عليها في تمويل المشاريع.
ويلاحظ أن الشركة أيضاً دفعت فائدة ربوية قدرها 10 مليون ريال سعودي لشركة سابك، ولبيان نسبة هذا المبلغ لإجمالي مصروفات الشركة يظهر بيانه في الجدول الآتي:
المصروف المحرم إجمالي المصروفات نسبة المصروف المحرم
10.000.000 134.962.000 7.5%
رابعاً: حكم الاكتتاب بشركة ينساب
مما سبق بيانه ظهر جلياً أن شركة ينساب من الشركات ذات النشاط المباح ولكنها تقترض وتودع بالربا.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في هذا النوع من الشركات على قولين:
القول الأول: عدم الجواز مطلقاً.
وممن ذهب إلى هذا القول: مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو:
" ج: الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربـا ونحـوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة " [1].وكذلك لمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:
" لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك" [2].
وممن قال بالتحريم أيضاً: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء [3]، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي [4]، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي [5]، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني [6]،وعدد من الفقهاء المعاصرين [7].
وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة من الكتاب والسنة تدل بعمومها على تحريم الربا قليله وكثيره ، ولأن يد الشركة على المال هي نفس يد المساهم، فأي عمل تقوم به فهو عمله لا فرق بينهما، فكما يحرم على الإنسان أن يستثمر جزءاً من ماله – ولو يسيراً – في معاملات محرمة، فكذا يحرم عليه المشاركة في شركات تتعامل بالحرام، لأن المال المستثمر هو ماله بعينه.
القول الثاني: الجواز بضوابط .
ممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي[8]، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني[9] ، والمستشار الشرعي لدلة البركة [10] ، وندوة البركة السادسة [11] ، وعدد من العلماء المعاصرين [12].
وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطاً؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، وهذه الشروط سيأتي بيانها.
وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من القواعد: كقاعدة رفع الحرج، والتبعية ، والحاجة العامة، وعموم البلوى، ومراعاة قواعد الكثرة والقلة والغلبة، وكذلك جواز التعامل مع من كان غالب أمواله حلالا.
خامساً: ضوابط القائلين بالجواز ومدى توافقها مع شركة ينساب
هل تتوافق هذه الشركة مع ضوابط القائلين بالجواز؟
للإجابة على هذا السؤال سوف أذكر الضوابط التي قامت عليها الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية ومن ثم نقارنها مع ما توصلنا إليه من النسب وبالتالي نحكم عليها.
الضابط الأول: تحديد نسبة الاقتراض الربوي.
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا تزيد نسبة القروض عن 25% من إجمالي الموجودات، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا تساوي أو تزيد عن 33% من إجمالي الموجودات، وبه أخذ " الداو جونز الإسلامي".
القول الثالث: أن لا تزيد القروض عن 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين.
القول الرابع: أن لا تزيد القروض عن 30% من إجمالي القيمة السوقية ما لم تقل عن القيمة الدفترية، وبهذا صدر توجيه الهيئة الشرعية بشركة الراجحي المبلغ بخطاب رئيسها الموجه لرئيس مجلس إدارة الشركة [13].
القول الخامس: أن لا تزيد القروض عن 30 % من إجمالي موجودات الشركة، وهذا الضابط آخر ما استقرت عليه أكثر الهيئات الشرعية في البنوك السعودية، ولكن سيطبق على قوائم الشركات مع بداية العام الميلادي الجديد.
ونلاحظ أن الشركة في اقتراضها الربوي تتوافق مع جميع ضوابط الهيئات الشرعية.
الضابط الثاني: نسبة المصروفات المحرمة لجميع مصروفات الشركة.
وحددت هذه النسبة بـ 5% من إجمالي المصروفات، وهذا الضابط توجهت إليه الهيئات أخيراً، وسوف تطبقه على قوائم الشركات في العام الميلادي الجديد.
ومصروفات الشركة المحرمة لإجمالي المصروفات تساوي 7.5% .
فالشركة تخالف الهيئات في هذا الضابط.
الضابط الثالث: حجم العنصر المحرم (الاستثمار المحرم):
اختلف القائلون بالجواز في تحديد نسبة حجم العنصر الحرام على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز العنصر الحرام 15% من إجمالي موجودات الشركة، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا يتجاوز المبلغ المودع بالربا 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثالث: عدم اعتبار هذا الضابط، وبه وجهت هيئة الراجحي من خلال خطابها المبلغ من رئيسها الآنف الذكر، وكذلك لم يعتبر الداو جونز هذا الضابط.
ونسبة العنصر المحرم لموجودات الشركة يساوي 81.19%. وبالتالي لا يتوافق مع أي من الضوابط المذكورة.
الضابط الرابع: نسبة الإيرادات المحرمة:
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم 5% من إجمالي إيرادات الشركة، وبهذا أخذت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي في قرارها 485. وكذلك هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثاني: أن لا تتجاوز الإيرادات غير التشغيلية 9% من الإيرادات التشغيلية ، وبهذا أخذ " الداو جونز الإسلامي".
ونسبة الإيراد المحرم لإجمالي الإيرادات يساوي 100%. وعليه فلا تتوافق مع أي هيئة شرعية في هذا الضابط.
الخلاصة:
إن الهيئات الشرعية إذا تخلف عندها ضابط واحد من الضوابط حكموا على الشركة بالتحريم وصنفوها من الشركات المحرمة، فكيف إذا تخلف ثلاثة ضوابط؟
سادساً: وانفرط عِقد الضوابط
إن الضوابط التي وضعتها الهيئات الشرعية مرت بمراحل عدة، ففي أول أمرها كانت النسب قليلة، ومن ثم زادت، وكانت هذه النسب تنسب إلى الموجودات ومن ثم استقر بهم الأمر إلى نسبتها إلى القيمة السوقية.
ومن ثم ظهرت فتاوى أصحاب هذه الهيئات بجواز هذه الشركة.
ولا أدري هل هناك ضوابط جديدة لم يطلعونا عليها؟
أم أن السهم يأخذ حكم العروض فلا ينظر إلى موجوداته؟
أم أن الشركة حديثة التأسيس ولا يمكن أن تطبق عليها الضوابط؟.
أم أنهم يؤخرون هذه الضوابط حتى تتداولَ أسهمها في السوق ومن ثم يحكم عليها؟ [14]
أم أنهم في هذه الحال أخذوا بالقول القائل: إنه يشترط في الشركة أن يكون نشاطها مباحا ولا ننظر إلى القروض و الاستثمارات المحرمة [15].
حقيقة لا أدري ما هي حجة القوم ؟
والقول بالجواز مع الضوابط قول غير مطرد، وفيه اضطراب واضح، فهذه الشركة - بنساب - بينت عوار هذا القول، وبيان ذلك من وجهين:
الأول: أن أعضاء الهيئات الشرعية حرموا شركات نشاطها مباح لا تتوافق مع ضوابطهم، وهي أقل بكثير من شركة ينساب، كشركة إسمنت القصيم، وشركة جيزان، والمتطورة وغيرها.
بل إني أقول: إن بنك الجزيرة الذي لم يبق عليها إلا 5% [16]وتكون جميع معاملاته إسلامية أفضل من هذه الشركة ومع ذلك هذا البنك يحرم شراء أسهمه عند جميع الهيئات.
الثاني:أنه لو افترضنا أن هناك شركتين أودعتا في بنك واحد في وقت واحد ألف مليون ريال، وأخذتا فائدة ربوية خمسين مليون ريال. ولكن أحد الشركات دخلها يفوق دخل الثانية بكثير، ونسبة الفائدة الربوية لإجمالي إيرادها 4% أما الأخرى نسبة الفائدة الربوية لإيرادها 7%. فالشركة الأولى جائزة أما الثانية فهي محرمة.
فهل يتصور هذا ؟.
وأخيراً:
أنا على يقين أن أعضاء الهيئات الشرعية لا تريد أن تقف حائلا بين الناس وبين الاكتساب الهائل عن طريق الأسهم، ولهذا حاولت أن تسهل عليهم فجعلت هذه الضوابط .
وتعرف قوة القول من اطراده، وانضباطه، ولا تهزه النوازل ولا الضغوط.
وعليه أدعوهم إما أن يقولوا بالتحريم والذي عليه جماهير أهل العلم. أو يقولوا بالجواز مطلقاً بلا قيد أو شرط ما دام أن النشاط مباح، فإذا أخذوا بهذا القول ارتاحوا وأراحوا وخاصة مع أن كثيرا من المتعاملين بالأسهم من المضاربين لا المستثمرين.
ولكن يقيدوا الجواز بالتخلص من الربح المحرم اليقيني وهو نصف الربح حتى لا ينشغلوا بدراسة القوائم، وبهذا يطرد القول.
وإني استغرب من إصرار مجالس هذه الشركات على الاقتراض الربوي والإيداع الربوي!
فهل هم لا يعلمون؟ فيُعلمون.
أم أنهم وجدوا إقبال الناس على المباح فأرادوا بفعلتهم تلك صرف الناس عنها، كي يخلوا لهم الجو، ويستمتعوا بهذه الأسهم والربح الخيالي فيها؟
لكن يزول الاستغراب إذا علمت أن هذه الشركة بنت من بنات سابك، ولكي يزول استغرابك مثلي أدعوك في ختام هذه الدراسة لقراءة خلاصة قوائم شركة سابك المالية لعام 2004م.
* نسبة الموجودات الربوية لإجمالي الموجودات والقيمة الدفترية
الموجودات الربوية المبلغ الإجمالي نسبتها لإجمالي الموجودات نسبتها للقيمة الدفترية
القروض الربوية 31915336000 25.54% 43.41 ريال
تسهيلات بنكية 483529000 1.5% 2.55 ريال
الودائع الربوية 19185797000 15.35% 26.09 ريال
السندات الربوية 100000000(مليار ريال) 0.08% 0.136 ريال
المجموع 51684662000 41.63% 73 ريال
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
خالد بن إبراهيم الدعيجي
11/11/1426هـ.
جوال/ 0503653838
فاكس/ 063653838
أولاً: التعريف بالشركة.
* شركة ينبع الوطنية للبتر وكيماويات (ينساب). هي شركة مساهمة سعودية تحت التأسيس بموجب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 10446 بتاريخ 4/11/1426هـ الموافق (7/12/2005).
* تتمثل أهداف الشركة في تصنيع المنتجات البتروكيماوية طبقا لعقد تأسيسها والأنطمة الأخرى المعمول بها في المملكة العربية السعودية.
* يبلغ رأس مال الشركة 5.625.000.000 ريال سعودي مقسم إلى 112.5000.000 سهماً بقيمة اسمية قدرها 50 ريالا سعودياً للسهم.
* ستمتلك شركة سابك ما نسبته 55% من إجمالي أسهمها، منها 4% ستمتلكها شركة سابك للاستثمارات الصناعية SIIC المملوكة بالكامل لشركة سابك، وستوزع ملكية 10% من أسهم ينساب على 17 شركة سعودية وخليجية. بينما سيتم طرح الحصة الباقية 35% على الجمهور من خلال عملية الاكتتاب العام.
ثالثاً: القروض
جاء في نشرة الاكتتاب المفصلة:
" حصلت سابك لصالح ينساب . على التزام خطي مبدئي من بنك ABN AMRO بموجب خطاب التزام مؤرخ في 30 نوفمبر 2005 تعهد بموجبه بتغطية تسهيلات تمويلية بقيمة 13.125 مليون ريال سعودي (13 مليار ومائة وخمس وعشرين مليون ريال سعودي). ويعتبر هذا الخطاب التزاما مشروطا من البنك بصفته مديرا ومتعهدا لتغطية التسهيلات التمويلية بالقيمة المذكورة وفقا لشروط وأحكام وتعهدات متعارف عليها في تمويل المشاريع.
ويلاحظ أن الشركة أيضاً دفعت فائدة ربوية قدرها 10 مليون ريال سعودي لشركة سابك، ولبيان نسبة هذا المبلغ لإجمالي مصروفات الشركة يظهر بيانه في الجدول الآتي:
المصروف المحرم إجمالي المصروفات نسبة المصروف المحرم
10.000.000 134.962.000 7.5%
رابعاً: حكم الاكتتاب بشركة ينساب
مما سبق بيانه ظهر جلياً أن شركة ينساب من الشركات ذات النشاط المباح ولكنها تقترض وتودع بالربا.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في هذا النوع من الشركات على قولين:
القول الأول: عدم الجواز مطلقاً.
وممن ذهب إلى هذا القول: مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو:
" ج: الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربـا ونحـوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة " [1].وكذلك لمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:
" لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك" [2].
وممن قال بالتحريم أيضاً: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء [3]، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي [4]، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي [5]، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني [6]،وعدد من الفقهاء المعاصرين [7].
وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة من الكتاب والسنة تدل بعمومها على تحريم الربا قليله وكثيره ، ولأن يد الشركة على المال هي نفس يد المساهم، فأي عمل تقوم به فهو عمله لا فرق بينهما، فكما يحرم على الإنسان أن يستثمر جزءاً من ماله – ولو يسيراً – في معاملات محرمة، فكذا يحرم عليه المشاركة في شركات تتعامل بالحرام، لأن المال المستثمر هو ماله بعينه.
القول الثاني: الجواز بضوابط .
ممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي[8]، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني[9] ، والمستشار الشرعي لدلة البركة [10] ، وندوة البركة السادسة [11] ، وعدد من العلماء المعاصرين [12].
وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطاً؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، وهذه الشروط سيأتي بيانها.
وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من القواعد: كقاعدة رفع الحرج، والتبعية ، والحاجة العامة، وعموم البلوى، ومراعاة قواعد الكثرة والقلة والغلبة، وكذلك جواز التعامل مع من كان غالب أمواله حلالا.
خامساً: ضوابط القائلين بالجواز ومدى توافقها مع شركة ينساب
هل تتوافق هذه الشركة مع ضوابط القائلين بالجواز؟
للإجابة على هذا السؤال سوف أذكر الضوابط التي قامت عليها الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية ومن ثم نقارنها مع ما توصلنا إليه من النسب وبالتالي نحكم عليها.
الضابط الأول: تحديد نسبة الاقتراض الربوي.
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا تزيد نسبة القروض عن 25% من إجمالي الموجودات، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا تساوي أو تزيد عن 33% من إجمالي الموجودات، وبه أخذ " الداو جونز الإسلامي".
القول الثالث: أن لا تزيد القروض عن 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين.
القول الرابع: أن لا تزيد القروض عن 30% من إجمالي القيمة السوقية ما لم تقل عن القيمة الدفترية، وبهذا صدر توجيه الهيئة الشرعية بشركة الراجحي المبلغ بخطاب رئيسها الموجه لرئيس مجلس إدارة الشركة [13].
القول الخامس: أن لا تزيد القروض عن 30 % من إجمالي موجودات الشركة، وهذا الضابط آخر ما استقرت عليه أكثر الهيئات الشرعية في البنوك السعودية، ولكن سيطبق على قوائم الشركات مع بداية العام الميلادي الجديد.
ونلاحظ أن الشركة في اقتراضها الربوي تتوافق مع جميع ضوابط الهيئات الشرعية.
الضابط الثاني: نسبة المصروفات المحرمة لجميع مصروفات الشركة.
وحددت هذه النسبة بـ 5% من إجمالي المصروفات، وهذا الضابط توجهت إليه الهيئات أخيراً، وسوف تطبقه على قوائم الشركات في العام الميلادي الجديد.
ومصروفات الشركة المحرمة لإجمالي المصروفات تساوي 7.5% .
فالشركة تخالف الهيئات في هذا الضابط.
الضابط الثالث: حجم العنصر المحرم (الاستثمار المحرم):
اختلف القائلون بالجواز في تحديد نسبة حجم العنصر الحرام على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز العنصر الحرام 15% من إجمالي موجودات الشركة، وبه أخذت هيئة الراجحي في قرارها رقم 485.
القول الثاني: أن لا يتجاوز المبلغ المودع بالربا 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، وبه أخذت هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثالث: عدم اعتبار هذا الضابط، وبه وجهت هيئة الراجحي من خلال خطابها المبلغ من رئيسها الآنف الذكر، وكذلك لم يعتبر الداو جونز هذا الضابط.
ونسبة العنصر المحرم لموجودات الشركة يساوي 81.19%. وبالتالي لا يتوافق مع أي من الضوابط المذكورة.
الضابط الرابع: نسبة الإيرادات المحرمة:
اختلف القائلون بالجواز في تحديد هذه النسبة على أقوال:
القول الأول: أن لا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم 5% من إجمالي إيرادات الشركة، وبهذا أخذت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي في قرارها 485. وكذلك هيئة المعايير المحاسبية في البحرين.
القول الثاني: أن لا تتجاوز الإيرادات غير التشغيلية 9% من الإيرادات التشغيلية ، وبهذا أخذ " الداو جونز الإسلامي".
ونسبة الإيراد المحرم لإجمالي الإيرادات يساوي 100%. وعليه فلا تتوافق مع أي هيئة شرعية في هذا الضابط.
الخلاصة:
إن الهيئات الشرعية إذا تخلف عندها ضابط واحد من الضوابط حكموا على الشركة بالتحريم وصنفوها من الشركات المحرمة، فكيف إذا تخلف ثلاثة ضوابط؟
سادساً: وانفرط عِقد الضوابط
إن الضوابط التي وضعتها الهيئات الشرعية مرت بمراحل عدة، ففي أول أمرها كانت النسب قليلة، ومن ثم زادت، وكانت هذه النسب تنسب إلى الموجودات ومن ثم استقر بهم الأمر إلى نسبتها إلى القيمة السوقية.
ومن ثم ظهرت فتاوى أصحاب هذه الهيئات بجواز هذه الشركة.
ولا أدري هل هناك ضوابط جديدة لم يطلعونا عليها؟
أم أن السهم يأخذ حكم العروض فلا ينظر إلى موجوداته؟
أم أن الشركة حديثة التأسيس ولا يمكن أن تطبق عليها الضوابط؟.
أم أنهم يؤخرون هذه الضوابط حتى تتداولَ أسهمها في السوق ومن ثم يحكم عليها؟ [14]
أم أنهم في هذه الحال أخذوا بالقول القائل: إنه يشترط في الشركة أن يكون نشاطها مباحا ولا ننظر إلى القروض و الاستثمارات المحرمة [15].
حقيقة لا أدري ما هي حجة القوم ؟
والقول بالجواز مع الضوابط قول غير مطرد، وفيه اضطراب واضح، فهذه الشركة - بنساب - بينت عوار هذا القول، وبيان ذلك من وجهين:
الأول: أن أعضاء الهيئات الشرعية حرموا شركات نشاطها مباح لا تتوافق مع ضوابطهم، وهي أقل بكثير من شركة ينساب، كشركة إسمنت القصيم، وشركة جيزان، والمتطورة وغيرها.
بل إني أقول: إن بنك الجزيرة الذي لم يبق عليها إلا 5% [16]وتكون جميع معاملاته إسلامية أفضل من هذه الشركة ومع ذلك هذا البنك يحرم شراء أسهمه عند جميع الهيئات.
الثاني:أنه لو افترضنا أن هناك شركتين أودعتا في بنك واحد في وقت واحد ألف مليون ريال، وأخذتا فائدة ربوية خمسين مليون ريال. ولكن أحد الشركات دخلها يفوق دخل الثانية بكثير، ونسبة الفائدة الربوية لإجمالي إيرادها 4% أما الأخرى نسبة الفائدة الربوية لإيرادها 7%. فالشركة الأولى جائزة أما الثانية فهي محرمة.
فهل يتصور هذا ؟.
وأخيراً:
أنا على يقين أن أعضاء الهيئات الشرعية لا تريد أن تقف حائلا بين الناس وبين الاكتساب الهائل عن طريق الأسهم، ولهذا حاولت أن تسهل عليهم فجعلت هذه الضوابط .
وتعرف قوة القول من اطراده، وانضباطه، ولا تهزه النوازل ولا الضغوط.
وعليه أدعوهم إما أن يقولوا بالتحريم والذي عليه جماهير أهل العلم. أو يقولوا بالجواز مطلقاً بلا قيد أو شرط ما دام أن النشاط مباح، فإذا أخذوا بهذا القول ارتاحوا وأراحوا وخاصة مع أن كثيرا من المتعاملين بالأسهم من المضاربين لا المستثمرين.
ولكن يقيدوا الجواز بالتخلص من الربح المحرم اليقيني وهو نصف الربح حتى لا ينشغلوا بدراسة القوائم، وبهذا يطرد القول.
وإني استغرب من إصرار مجالس هذه الشركات على الاقتراض الربوي والإيداع الربوي!
فهل هم لا يعلمون؟ فيُعلمون.
أم أنهم وجدوا إقبال الناس على المباح فأرادوا بفعلتهم تلك صرف الناس عنها، كي يخلوا لهم الجو، ويستمتعوا بهذه الأسهم والربح الخيالي فيها؟
لكن يزول الاستغراب إذا علمت أن هذه الشركة بنت من بنات سابك، ولكي يزول استغرابك مثلي أدعوك في ختام هذه الدراسة لقراءة خلاصة قوائم شركة سابك المالية لعام 2004م.
* نسبة الموجودات الربوية لإجمالي الموجودات والقيمة الدفترية
الموجودات الربوية المبلغ الإجمالي نسبتها لإجمالي الموجودات نسبتها للقيمة الدفترية
القروض الربوية 31915336000 25.54% 43.41 ريال
تسهيلات بنكية 483529000 1.5% 2.55 ريال
الودائع الربوية 19185797000 15.35% 26.09 ريال
السندات الربوية 100000000(مليار ريال) 0.08% 0.136 ريال
المجموع 51684662000 41.63% 73 ريال
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
خالد بن إبراهيم الدعيجي
11/11/1426هـ.
جوال/ 0503653838
فاكس/ 063653838