عمر بن عبدالعزيز
27 Jun 2006, 05:45 PM
لا خلاف على أن عملية "الوهم المتبدّد" التي نفذتها "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، و " ألوية الناصر صلاح الدين"، الجناح العسكري لـ "لجان المقاومة الشعبية"، ومنظمة "جيش الإسلام"، والتي أسفرت عن مقتل جنديين من جنود الاحتلال واختطاف ثالث وجرح سبعة آخرين، هي العملية الأكثر جرأة والأكثر تنظيماً والأعمق تخطيطاً التي تنفذها المقاومة الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الأولى. وقد أعادت هذه العملية المُحكمة للأذهان العمليات التي كان يقوم بها حزب الله، مع العلم أن هذه العملية تمّت في ظروف أكثر تعقيداً بكثير من الظروف التي كانت تتم بها عمليات حزب الله. فقد دلّلت العملية على أن التفوق الإسرائيلي الهائل على الحركات المقاومة في مجال التسليح، وفي مجال التقنيات العسكرية المتقدمة، لم يحُل دون نجاح المقاومين الفلسطينيين في مفاجأة العدو الصهيوني في المكان الذي يزعم أنه من أكثر المواقع العسكرية تحصّناً. في نفس الوقت، فقد بات واضحاً أن تشكيلات المقاومة المسؤولة عن العملية قد حققت إنجازاً في المجال الذي تزعم إسرائيل دوماً أن لها اليد الطولى فيه، وهو المجال الاستخباري. وكما يقول المعلق الإستراتيجي الإسرائيلي الجنرال (زئيف شيف)، فإن مخططي العملية ومنفذيها أثبتوا أن لديهم قدرات كبيرة في جمع معلومات استخبارية فائقة الأهمية ساعدت على نجاح العملية بشكل تجاوز كل التوقعات. وحسب (شيف)، فإن المقاومين لم يقدموا على تنفيذ العملية إلا بعد أن عرفوا كل التفاصيل المتعلقة بالموقع المستهدف. ويعرب (يعكوف بيري) الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك) عن استهجانه من الجرأة التي ميزت منفذي العملية الذين نفذوا العملية على الرغم من وجود تعزيزات عسكرية كبيرة جداً في محيط المكان. من ناحيته لا يرى الجنرال (دان روتشيلد) سبباً للشعور بالمفاجأة من جرأة منفذي العملية، قائلاً: "مثل هذه الجرأة هي صفة طبيعية لأناس يتبنون عقيدة دينية إسلامية، لكن المفاجئ بالنسبة لي هي قدرات التخطيط الفائقة التي ميزت الإعداد للعملية". وتحوّل قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الجنرال (يوآف جيلنات) الذي يقع الموقع المستهدف تحت مسؤوليته إلى هدف للانتقادات والتشكيك في أهليّته، إلى درجة المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن أوجه القصور في عمل المستويات القيادية المختلفة.
صحيح أنه من المتوقع أن تجرّ هذه العملية سلسلة من الردود العسكرية الإسرائيلية القاسية على الشعب الفلسطيني، وقد تطال المستويات السياسية في الساحة الفلسطينية، إلا أنه في كل الأحوال، فإن هناك عدة تداعيات إيجابية لهذه العملية:
1- عززت العملية موقف حركة حماس وحكومتها في الشارع الفلسطيني بشكل كبير. فقد دلّلت العملية للشارع الفلسطيني على أن الحركة -على الرغم من تشكيلها الحكومة وانشغالها بالعمل السياسي- لم تترك خيار المقاومة، الأمر الذي شكّل ضربة قوية للعديد من فئات المشككين بالحركة ومواقفها، والذين اتهموا الحركة صراحة بأنها تركت خيار المقاومة طمعاً في السلطة، وأخذوا لا يتورعون – ومن باب الإحراج – عن مطالبة الحركة بالرد على أي عمل إرهابي صهيوني. ومما لا شك فيه أن العملية النوعية ستساهم في تهدئة التوتر الأمني بين حماس وحركة "فتح"، على أساس أن هامش المزايدات بين الحركتين سيتقلص إلى حد كبير.
2- من المتوقع أن تساهم العملية في إعادة تصويب مسار الحوار الوطني الفلسطيني. فقد بات واضحاً بعد قبول حركة حماس وثيقة "الأسرى"، إثر إدخال التعديلات عليها، أن هناك أطرافا لا تكتفي بذلك، بل تريد التخلص من وجود حماس في الحكومة، على الرغم من أنه لا يكفي أن تقبل حماس بوثيقة الأسرى، بل عليها أن تقبل بقيام شخصية من خارج الحركة بتشكيل الحكومة، مسوّغين ذلك بأن هذه الوسيلة الأفضل لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من أن حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قد أصبح مطلباً وطنياً يفرضه الواقع، إلا أنه -و للأسف- فإن بعض الأطراف التي تنادي بتشكيل حكومة الوحدة تفعل ذلك من أجل الالتفاف على نتائج الانتخابات الحرة والنزيهة. وجاءت هذه العملية، لتقول حماس من خلالها لهذه الأطراف إن التمسك بالكراسي ليس هدفاً بحد ذاته، وإن ثمة خيارات أخرى لدى الحركة.
3- وجهت هذه العملية رسالة قوية للمجتمع الصهيوني مفادها أنه لا يمكن للشعب الفلسطيني وقواه المقاومة أن يقبل بمواصلة إسرائيل لعدوانها ضد المدنيين الفلسطينيين نساء وأطفالاً. ونظراً لأن هذه العملية استهدفت موقعاً عسكرياً، فإنه لا يمكن لدولة الاحتلال وماكينة الدعاية التابعة لها أن تصفها بالعملية الإرهابية. فقد قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية (تسيفي ليفني) صراحة: إن استهداف المقاومين الفلسطينيين لجنود الاحتلال لا يُعدّ ارهاباً. ومن المتوقع أن تساهم هذه العملية في تهاوي الإجماع الصهيوني خلف سياسة القمع المتبعة من قبل حكومة اولمرت حالياً، على أساس أن هذه السياسة لم تؤدِّ إلاّ إلى تدهور الأوضاع الأمنية بشكل غير مسبوق.
4- أكدت هذه العملية للمجتمع الدولي الذي فرض الحصار والعقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني في أعقاب إصراره على تعبيره عن خياره الديمقراطي الحر، كما عكست ذلك نتائج الانتخابات التشريعية، وللدول العربية التي تواطأت في فرض الحصار على الحكومة المنتخبة، أنه لا يمكن حشر الشعب الفلسطيني في الزاوية، وأن لدى هذا الشعب وقواه المقاومة القدرة على إعادة خلط الأوراق بشكل لا تتوقعه الأطراف المتآمرة عليه.
صالح النعامي (الاسلام اليوم )
صحيح أنه من المتوقع أن تجرّ هذه العملية سلسلة من الردود العسكرية الإسرائيلية القاسية على الشعب الفلسطيني، وقد تطال المستويات السياسية في الساحة الفلسطينية، إلا أنه في كل الأحوال، فإن هناك عدة تداعيات إيجابية لهذه العملية:
1- عززت العملية موقف حركة حماس وحكومتها في الشارع الفلسطيني بشكل كبير. فقد دلّلت العملية للشارع الفلسطيني على أن الحركة -على الرغم من تشكيلها الحكومة وانشغالها بالعمل السياسي- لم تترك خيار المقاومة، الأمر الذي شكّل ضربة قوية للعديد من فئات المشككين بالحركة ومواقفها، والذين اتهموا الحركة صراحة بأنها تركت خيار المقاومة طمعاً في السلطة، وأخذوا لا يتورعون – ومن باب الإحراج – عن مطالبة الحركة بالرد على أي عمل إرهابي صهيوني. ومما لا شك فيه أن العملية النوعية ستساهم في تهدئة التوتر الأمني بين حماس وحركة "فتح"، على أساس أن هامش المزايدات بين الحركتين سيتقلص إلى حد كبير.
2- من المتوقع أن تساهم العملية في إعادة تصويب مسار الحوار الوطني الفلسطيني. فقد بات واضحاً بعد قبول حركة حماس وثيقة "الأسرى"، إثر إدخال التعديلات عليها، أن هناك أطرافا لا تكتفي بذلك، بل تريد التخلص من وجود حماس في الحكومة، على الرغم من أنه لا يكفي أن تقبل حماس بوثيقة الأسرى، بل عليها أن تقبل بقيام شخصية من خارج الحركة بتشكيل الحكومة، مسوّغين ذلك بأن هذه الوسيلة الأفضل لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من أن حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قد أصبح مطلباً وطنياً يفرضه الواقع، إلا أنه -و للأسف- فإن بعض الأطراف التي تنادي بتشكيل حكومة الوحدة تفعل ذلك من أجل الالتفاف على نتائج الانتخابات الحرة والنزيهة. وجاءت هذه العملية، لتقول حماس من خلالها لهذه الأطراف إن التمسك بالكراسي ليس هدفاً بحد ذاته، وإن ثمة خيارات أخرى لدى الحركة.
3- وجهت هذه العملية رسالة قوية للمجتمع الصهيوني مفادها أنه لا يمكن للشعب الفلسطيني وقواه المقاومة أن يقبل بمواصلة إسرائيل لعدوانها ضد المدنيين الفلسطينيين نساء وأطفالاً. ونظراً لأن هذه العملية استهدفت موقعاً عسكرياً، فإنه لا يمكن لدولة الاحتلال وماكينة الدعاية التابعة لها أن تصفها بالعملية الإرهابية. فقد قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية (تسيفي ليفني) صراحة: إن استهداف المقاومين الفلسطينيين لجنود الاحتلال لا يُعدّ ارهاباً. ومن المتوقع أن تساهم هذه العملية في تهاوي الإجماع الصهيوني خلف سياسة القمع المتبعة من قبل حكومة اولمرت حالياً، على أساس أن هذه السياسة لم تؤدِّ إلاّ إلى تدهور الأوضاع الأمنية بشكل غير مسبوق.
4- أكدت هذه العملية للمجتمع الدولي الذي فرض الحصار والعقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني في أعقاب إصراره على تعبيره عن خياره الديمقراطي الحر، كما عكست ذلك نتائج الانتخابات التشريعية، وللدول العربية التي تواطأت في فرض الحصار على الحكومة المنتخبة، أنه لا يمكن حشر الشعب الفلسطيني في الزاوية، وأن لدى هذا الشعب وقواه المقاومة القدرة على إعادة خلط الأوراق بشكل لا تتوقعه الأطراف المتآمرة عليه.
صالح النعامي (الاسلام اليوم )