ابوريان1999
29 Sep 2011, 01:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الإخوة الأحبة منذ أيام سمعت أحد الأشخاص يتحدث عن السعادة ويدعو لصديقه أن يسعده الله في دنياه وآخرته ومباشرة خطرت ببالي الآيات الكريمة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)} سورة هود
فقلت: سبحان الله! يالهذه الكلمة الخطيرة.
إن البشر جميعاً وبدون استثناء يبحثون عن السعادة بل إن الإنسان يقضي عمره باعثاً عن السعادة فلا تظن أخي الحبيب أنك أحرص على السعادة من أبي جهل أو أبي لهب أو أي كافر من الكفار بل ربما كانوا أحرص على سعادتهم منا جميعاً حتى القرآن الكريم عندما حدثنا عن الآخرة حذرنا من أن الناس في ذلك الوقت إما أشقياء وإما سعداء.
لكن لماذا اختلفت الاتجاهات في الحياة؟؟ لقد اختلفت باختلاف القناعات .. كل إنسان رأى السعادة في شيء حرص عليه وأسرع نحوه بل وضحى في سبيل ذلك أشد التضحيات.
وقد استعرضت في ذهني بعض آيات القرآن بحثاً عن شيء يخص السعادة فتوصلت إلى أن أسباب السعادة لدى البشر كثيرة متفرقة لكنني وبتوفيق من الله لخصت أهم أسبابها في خمسة أمور وهي:
1- كثرة المال
2- كثرة المساكن وفخامتها وكثرة البساتين من حولها
3- المنصب والمكانة الرفيعة وكثرة الأتباع
4- كثرة الأولاد
5- القوة والجبروت وعظم الأجساد
ولتفصيل ذلك أقول:
1- كثرة المال: الأمثلة الموجودة في القرآن كثيرة لكن أبرزها قارون لقد وصف الله ثروته فقال: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ } (القصص:76) فأي ثروة هذه التي لا تستطيع مجموعة رجال قوية حمل مفاتيحها والدليل على أن البشر يرون السعادةفي هذا {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }(القصص:79) لقد تمنى من لا يمتلك مثل ثروته أن يكون مثله وقارون مجرد مثال لواقع كثير من البشر في زمانه وقبله وبعده إلى يوم القيامة. فهل نال قارون السعادة يا ترى؟؟ ابقَ معي أخي الحبيب.
2- كثرة المساكن وفخامتها وكثرة البساتين من حولها: في الإنسان طبع محبة المسكن والاعتزار به والسعي المستمر إلى تحسينه لأنه يرى في ذلك سعادة ما وراءها سعادة. إلى القرآن هيا قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ 15) } فانظر إلى هذا الوصف الرائع لتلك البلدة بل لقد ذكر المفسرون أن المرأة من سبأ كانت تمر في الممر بين الأشجار وعلى رأسها المكتل (وعاء من قصب) فيمتلأ المكتل دون أن ترفع يدها.
أو انظر إلى ذلك الرجل في سورة الكهف ما الذي فعله به بستانه ومسكنه وقد كان في غاية الروعة كما وصفه القرآن أحاطته أشجار النخيل لتصد الرياح وفيه من العنب العجب والممرات كسيت باللون الأخضر (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً) عندما احس بالسعادة التي تغمره رأى أن ما هو فيه هو النعيم المقيم {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً} (35) وحتى لو قامت القيامة {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً} (36) فالله الذي يحبه - ومن علامة حبه أن حباه بهذا النعيم - سيعطيه أفضل مما أعطاه في الدنيا.
3- المنصب والمكانة الرفيعة وكثرة الأتباع: وهذا هو الحب المستشري في الجميع حتى قال أحد أولياء الله الصالحين: آخر ما يرفع من قلوب الصالحين حب الرياسة.. لذلك أكثر من ينتقد هو المترأس في أي مجال فالمعارضات والأحزاب وحتى ما يسمى بالأحزاب الإسلامية كلهم باحثون عن الرياسة وعندما لم تصلهم انتقدوا من سبقهم.
ولنعد إلى القرآن الكريم: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} (الزخرف:51) و {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ( القصص38 ) من الذي أوصل فرعون إلى هذا؟؟ هم الأتباع الذي يفخر بهم الإنسان ويعتبرهم أخص أحبابه لكنهم يبحثون عن مجدهم الخاص ويجعلون قائدهم مطية لمآربهم {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} الأعراف (127) وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الله لَمْ يَبْعَثْ نَبِياً وَلاَ خَلِيفَةً إِلاّ وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وتَنَهَاهُ عَنِ المُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً وَمَنْ يُوْقَ بِطَانَةَ السّوءِ فَقَدْ وُقِيَ". رواه الترمذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غريبٌ.
لذلك عندما رأى أنهم لن يفيدوه بشيء وأنهم أوصلوه إلى الضياع رأى الحق فقال: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس:90) فآمن وأسلم طبعاً بغض النظر هل قبل الله منه أو لا؟؟ فهذا القدر هو ما يفيدنا.
4- كثرة الأولاد: وكثرة الأولاد سلاح ذو حدين إما أن تأخذ الحد السلبي فيجرحك وإما أن تأخذ الطرف الإيجابي فيعالجك
ولننظر إلى السلبي أولاً قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (التغابن15) فالأولاد قد يحملون الإنسان على المهالك على سبيل المثال لا الحصر: قد يأكل الإنسان المال الحرام ليؤمن لأولاده مستقبلاً جيداً حسب اعتقاده. أما الطرف الإيجابي فهو في الحديث الشريف: عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع له أو ولد صالح يدعو له> رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعظ أحد الصالحين رجلاً في أكل الحرام فقال له: وهؤلاء وأشار إلى أولاده فقال الرجل الصالح: اشترِ لهم سكيناً لأنهم سيقتلونك يوماً وهذا ما حصل.
5- القوة والجبروت وعظم الأجساد: قد يرى الإنسان في جسمه وقوته المنعة و العزة فيهتم به وبتنميته ويعول عليه في كل أحواله والأمثلة كثيرة فمثلاً عاد قال تعالى{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ}(فصلت:15) فقوتهم هي التي منعتهم من الإيمان ولم تكن قوتهم بالقوة القليلة أو ثمود الذين كانوا لقوتهم يسكنون الصخور {وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً } (الأعراف:74)
أو أبو جهل بن هشام هدد الله المشركين بالنار فقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ( 28 ) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (30) }المدثر فقال أبو جهل: يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم فقال الله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً} (المدثر31)
نعود هذه المرة لنبين نتائج بحث هؤلاء الناس عن السعادة:
1- من ظن السعادة في كثرة المال: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ( 81 ) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ( 82 ) القصص .
2- من ظن السعادة في المسكن: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (17) سبأ .
3- من ظن السعادة في المنصب: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ(99) } هود . وتأمل عدل الله سبحانه لم يذكر نهايته وحده إنما ذكر نهاية البطانة بل وركز عليهم (وأتبعوا)
والفريقان الرابع والخامس تم التعرض لهما سابقاً.
الخلاصة: أخي الحبيب اتبع أي سبيل شئت لكن فلتعلم أن أي طريق تتبعه إن لم يرضِ الله فمصيره الزوال والتجارب حاضرة والمخبر عنها أصدق قائل وهو الله فلا تجرب ما جربه غيرك فالسعيد من اتعظ بغيره.
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (127) طه.
لمِ لا تجرب اللجوء إلى الله .. أن تكون حبيباً لله ترمي الدنيا وحتى الآخرة وراءك وتسعى إلى الله.
منقول
اضافة من خبرتي المحدودة والقاصرة حول هذا الموضوع
بعد الاطلاع على بعضع الموضوعات ذات العلاقة بهذا الموضوع أقول :
بأن السعادة الحقيقةتتحقق بمشيئة الله بالتطبيق العملي قولا وفعلا سرا وجهرا لمايلي :
1ـ طاعة الله سبحانه وتعالى بتباع اوامره وجتناب نواهية سرا وجهرا.
2ـ محبة الرسول صلى الله علية وسلم وذلك بتباع سنته .
3ـالمحافظة على الاذكار .
4ـ شكر الله على نعمة
5ـ الاستغفار بشكل دائم.
6ـالمحافظة على قراءة القران الكريم .
7ـ صيام الايام الثلاثة البيض (13ـ14_15) من كل شهر
قال رسول صلى الله عليه وسلم :
" من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنـــا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنـــا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه: أنـــا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنـــا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما اجتمعن في امرئ إلا دخــل الــجــنــة"
[ صحيح / رواه مسلم).
8ـ الرضى بما قسم الله لك في كل شيء .( مال .ابناءـ عمل ـ سيارة ـ مسكن ......الخ).
9ـ المشاركة في الاعمال الخيرية ومساعدة الناس .
10ـ صلة الرحم.حتى وان قطعوا .
11ـ عامل الاخرين كما تحب أن يعاملوك .
12ـ اجعل الصدق والامانة والعدل عنوانا لك .
حيث في هذة البنود تتحقق جميع مقومات السعادة. بتوفيق الله
ودمتم بخير
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الإخوة الأحبة منذ أيام سمعت أحد الأشخاص يتحدث عن السعادة ويدعو لصديقه أن يسعده الله في دنياه وآخرته ومباشرة خطرت ببالي الآيات الكريمة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)} سورة هود
فقلت: سبحان الله! يالهذه الكلمة الخطيرة.
إن البشر جميعاً وبدون استثناء يبحثون عن السعادة بل إن الإنسان يقضي عمره باعثاً عن السعادة فلا تظن أخي الحبيب أنك أحرص على السعادة من أبي جهل أو أبي لهب أو أي كافر من الكفار بل ربما كانوا أحرص على سعادتهم منا جميعاً حتى القرآن الكريم عندما حدثنا عن الآخرة حذرنا من أن الناس في ذلك الوقت إما أشقياء وإما سعداء.
لكن لماذا اختلفت الاتجاهات في الحياة؟؟ لقد اختلفت باختلاف القناعات .. كل إنسان رأى السعادة في شيء حرص عليه وأسرع نحوه بل وضحى في سبيل ذلك أشد التضحيات.
وقد استعرضت في ذهني بعض آيات القرآن بحثاً عن شيء يخص السعادة فتوصلت إلى أن أسباب السعادة لدى البشر كثيرة متفرقة لكنني وبتوفيق من الله لخصت أهم أسبابها في خمسة أمور وهي:
1- كثرة المال
2- كثرة المساكن وفخامتها وكثرة البساتين من حولها
3- المنصب والمكانة الرفيعة وكثرة الأتباع
4- كثرة الأولاد
5- القوة والجبروت وعظم الأجساد
ولتفصيل ذلك أقول:
1- كثرة المال: الأمثلة الموجودة في القرآن كثيرة لكن أبرزها قارون لقد وصف الله ثروته فقال: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ } (القصص:76) فأي ثروة هذه التي لا تستطيع مجموعة رجال قوية حمل مفاتيحها والدليل على أن البشر يرون السعادةفي هذا {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }(القصص:79) لقد تمنى من لا يمتلك مثل ثروته أن يكون مثله وقارون مجرد مثال لواقع كثير من البشر في زمانه وقبله وبعده إلى يوم القيامة. فهل نال قارون السعادة يا ترى؟؟ ابقَ معي أخي الحبيب.
2- كثرة المساكن وفخامتها وكثرة البساتين من حولها: في الإنسان طبع محبة المسكن والاعتزار به والسعي المستمر إلى تحسينه لأنه يرى في ذلك سعادة ما وراءها سعادة. إلى القرآن هيا قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ 15) } فانظر إلى هذا الوصف الرائع لتلك البلدة بل لقد ذكر المفسرون أن المرأة من سبأ كانت تمر في الممر بين الأشجار وعلى رأسها المكتل (وعاء من قصب) فيمتلأ المكتل دون أن ترفع يدها.
أو انظر إلى ذلك الرجل في سورة الكهف ما الذي فعله به بستانه ومسكنه وقد كان في غاية الروعة كما وصفه القرآن أحاطته أشجار النخيل لتصد الرياح وفيه من العنب العجب والممرات كسيت باللون الأخضر (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً) عندما احس بالسعادة التي تغمره رأى أن ما هو فيه هو النعيم المقيم {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً} (35) وحتى لو قامت القيامة {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً} (36) فالله الذي يحبه - ومن علامة حبه أن حباه بهذا النعيم - سيعطيه أفضل مما أعطاه في الدنيا.
3- المنصب والمكانة الرفيعة وكثرة الأتباع: وهذا هو الحب المستشري في الجميع حتى قال أحد أولياء الله الصالحين: آخر ما يرفع من قلوب الصالحين حب الرياسة.. لذلك أكثر من ينتقد هو المترأس في أي مجال فالمعارضات والأحزاب وحتى ما يسمى بالأحزاب الإسلامية كلهم باحثون عن الرياسة وعندما لم تصلهم انتقدوا من سبقهم.
ولنعد إلى القرآن الكريم: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} (الزخرف:51) و {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ( القصص38 ) من الذي أوصل فرعون إلى هذا؟؟ هم الأتباع الذي يفخر بهم الإنسان ويعتبرهم أخص أحبابه لكنهم يبحثون عن مجدهم الخاص ويجعلون قائدهم مطية لمآربهم {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} الأعراف (127) وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الله لَمْ يَبْعَثْ نَبِياً وَلاَ خَلِيفَةً إِلاّ وَلَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وتَنَهَاهُ عَنِ المُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لاَ تَأْلُوهُ خَبَالاً وَمَنْ يُوْقَ بِطَانَةَ السّوءِ فَقَدْ وُقِيَ". رواه الترمذي وقال: حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غريبٌ.
لذلك عندما رأى أنهم لن يفيدوه بشيء وأنهم أوصلوه إلى الضياع رأى الحق فقال: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس:90) فآمن وأسلم طبعاً بغض النظر هل قبل الله منه أو لا؟؟ فهذا القدر هو ما يفيدنا.
4- كثرة الأولاد: وكثرة الأولاد سلاح ذو حدين إما أن تأخذ الحد السلبي فيجرحك وإما أن تأخذ الطرف الإيجابي فيعالجك
ولننظر إلى السلبي أولاً قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (التغابن15) فالأولاد قد يحملون الإنسان على المهالك على سبيل المثال لا الحصر: قد يأكل الإنسان المال الحرام ليؤمن لأولاده مستقبلاً جيداً حسب اعتقاده. أما الطرف الإيجابي فهو في الحديث الشريف: عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: <إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع له أو ولد صالح يدعو له> رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وعظ أحد الصالحين رجلاً في أكل الحرام فقال له: وهؤلاء وأشار إلى أولاده فقال الرجل الصالح: اشترِ لهم سكيناً لأنهم سيقتلونك يوماً وهذا ما حصل.
5- القوة والجبروت وعظم الأجساد: قد يرى الإنسان في جسمه وقوته المنعة و العزة فيهتم به وبتنميته ويعول عليه في كل أحواله والأمثلة كثيرة فمثلاً عاد قال تعالى{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ}(فصلت:15) فقوتهم هي التي منعتهم من الإيمان ولم تكن قوتهم بالقوة القليلة أو ثمود الذين كانوا لقوتهم يسكنون الصخور {وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً } (الأعراف:74)
أو أبو جهل بن هشام هدد الله المشركين بالنار فقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ( 28 ) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (30) }المدثر فقال أبو جهل: يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم فقال الله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً} (المدثر31)
نعود هذه المرة لنبين نتائج بحث هؤلاء الناس عن السعادة:
1- من ظن السعادة في كثرة المال: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ( 81 ) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ( 82 ) القصص .
2- من ظن السعادة في المسكن: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (17) سبأ .
3- من ظن السعادة في المنصب: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ(99) } هود . وتأمل عدل الله سبحانه لم يذكر نهايته وحده إنما ذكر نهاية البطانة بل وركز عليهم (وأتبعوا)
والفريقان الرابع والخامس تم التعرض لهما سابقاً.
الخلاصة: أخي الحبيب اتبع أي سبيل شئت لكن فلتعلم أن أي طريق تتبعه إن لم يرضِ الله فمصيره الزوال والتجارب حاضرة والمخبر عنها أصدق قائل وهو الله فلا تجرب ما جربه غيرك فالسعيد من اتعظ بغيره.
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (127) طه.
لمِ لا تجرب اللجوء إلى الله .. أن تكون حبيباً لله ترمي الدنيا وحتى الآخرة وراءك وتسعى إلى الله.
منقول
اضافة من خبرتي المحدودة والقاصرة حول هذا الموضوع
بعد الاطلاع على بعضع الموضوعات ذات العلاقة بهذا الموضوع أقول :
بأن السعادة الحقيقةتتحقق بمشيئة الله بالتطبيق العملي قولا وفعلا سرا وجهرا لمايلي :
1ـ طاعة الله سبحانه وتعالى بتباع اوامره وجتناب نواهية سرا وجهرا.
2ـ محبة الرسول صلى الله علية وسلم وذلك بتباع سنته .
3ـالمحافظة على الاذكار .
4ـ شكر الله على نعمة
5ـ الاستغفار بشكل دائم.
6ـالمحافظة على قراءة القران الكريم .
7ـ صيام الايام الثلاثة البيض (13ـ14_15) من كل شهر
قال رسول صلى الله عليه وسلم :
" من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنـــا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنـــا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه: أنـــا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنـــا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما اجتمعن في امرئ إلا دخــل الــجــنــة"
[ صحيح / رواه مسلم).
8ـ الرضى بما قسم الله لك في كل شيء .( مال .ابناءـ عمل ـ سيارة ـ مسكن ......الخ).
9ـ المشاركة في الاعمال الخيرية ومساعدة الناس .
10ـ صلة الرحم.حتى وان قطعوا .
11ـ عامل الاخرين كما تحب أن يعاملوك .
12ـ اجعل الصدق والامانة والعدل عنوانا لك .
حيث في هذة البنود تتحقق جميع مقومات السعادة. بتوفيق الله
ودمتم بخير